من طرف إبراهيم بن خالد التبسي السبت 1 يونيو 2019 - 17:36
وصلتني مآخذ معتبرة، مِن أخينا أبي موسى، حوت فوائد مهمةٌ، أثبتها في هذه الرسالة.
بسم الله الرحمن الرحيم
1) نقلتَ في (ص4 في آخر سطرٍ) قول المحقق في الحاشية: وقال موسى بن سلمة: لم أدرك أبي ولكن ...، قلتُ: وهذا رواه ابن أبي حاتمٍ في "الجرح والتعديل" (8/364)، والعقيلي في الضعفاء (1814)، ولكن موسى بن سلمة، مجهول حالٍ لا يُدرى ما حاله في الرواية. بل قال ابن القطان: مجهولٌ. وقال ابن حجرٍ في "التقريب" مقبولٌ.
2) يحيى بن جرجة، الراجح فيه الضعف، ولم أجده في "التقريب"، لكن وجدته في"الميزان واللسان"، قال الدارقطني: ليس بقويٍّ، وقال ابن حبانٍ: ربما خالف، وهذا غمزٌ منهما. وأما قول ابن عدي:"أرجو أنه لا بأس بحديثه". وابن عدي إنما يعني هنا في غير ما تَفرد به وأُنكر عليه، وقلنا هذا توفيقًا بين قوله وقول ابن حبانٍ، وقول الدارقطني اللذيْن تقدما.
وأمَّا قول ابن أبي حاتم: شيخٌ، فليست صريحةً في التوثيق، فهي في مرتبة "يُكتب حديثه وينظر فيه يُحتج به أم لا ؟" إلا أنه دون مرتبة مَن قال فيه: "صدوقٌ، أو محله الصدق، أو لا بأس به".
تنبيهٌ: ذكَر الحافظ ابن حجر في ترجمة يحيى بن جرجة في "تعجيل المنفعة" قولًا آخر للدارقطني أنه قال: "لم يطعن فيه أحدٌ بحجةٍ ولا بأس به عندي!!". اهـ
وفيه نظرٌ، وهذا مِن أوهام الحافظ، حيث أنَّ الدارقطني قال هذا القول في يحيى بن جعفر بن برقانٍ المشهور بيحيى بن أبي طالبٍ، لا في يحيى بن جرجة. (راجع اللسان والمغني في الضعفاء للذهبي).
3) وأمَّا عنعنة ابن جريجٍ فقبيحةٌ كما قال الدارقطني، فلا تُقبل منه حتى يُصرح، ثُم إنَّ ابن جريجٍ حدَّد كلمةً بعينها- وهي قوله: إذا قلتُ "قال عطاءٌ"-، وجعلها كالسماع فيما يتصلُ بروايته عن عطاءٍ وحده (خاصةً)، فلا يجوز تسويتها مع غيرها في حقِّ المدلس، وقد عنعن هنا عن الزهري فتنبه. وفي ترجمة ابن جريجٍ مِن "تهذيب التهذيب" أنه قال: "إذا قلتُ: قال عطاءٌ: فأنا سمعته منه، وإن لم أقل: سمعت". اهــ فهذه فائدةٌ هامةٌ جدًا للباحث، ولكن ابن جريجٍ إذا لم يقل:"قال عطاء"، وإنما قال:"عن عطاء". الظاهر أنه يختلف الحكم وأنهما ليسا على حدٍ سواءٍ، وقد رأيتُ استظهر هذا أيضًا العلامتان الوادعي والألباني- رحمهما الله تعالى- وهما هما في هذا الشأن كما هو معلومٌ.
فائدةٌ: قد احتج بعضهم: بصحة رواية مخرمة عن أبيه، وقالوا: إنَّ الإمام مسلمٌ احتج بهذه الرواية في غير موضعٍ مِن "صحيحه". وفي هذا نظرٌ، بل ليس بصحيحٍ.
ــــ أولاً: لأنَّ الحفاظ على عدم سماعه مِن أبيه وإنما هي وجادةٌ. بل مخرمة نفسه صرح بذلك كما ثَبت عنه عند العقيلي في الضعفاء (1814). في ترجمة مخرمة. ووجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع مِن أبيه كافٍ في دعوى الانقطاع.
ــــ ثانيًا: وقد انتقد الدارقطني على مسلمٍ إخراجه هذه الترجمة في الإلزامات والتتبع وبعده الإمام الوادعي في التعليق على الإلزامات وأحاديث مُعلة.
ولعل يعذر للإمام مسلمٍ- رحمه الله- بما قاله الحافظ العلائي: (كأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال وقد اُنتقد ذلك عليه). اهـ
والله يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.