منتديات التميز السلفية

أهلا وسهلا ومرحبا بزوارنا الكرام

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات التميز السلفية

أهلا وسهلا ومرحبا بزوارنا الكرام

منتديات التميز السلفية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات التميز السلفية

منتديات الهدف منها هو نشر المنهج السلفي القائم على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة بعيدا عن التعصب لأراء الرجال والأهواء المضلة

دخول

لقد نسيت كلمة السر

سحابة الكلمات الدلالية

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع

لا يوجد مستخدم

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

الترجمة

اختر لغة المنتدى من هنا

    الاستدلال على مشروعية الصلاة في النعال

    إبراهيم بن خالد التبسي
    إبراهيم بن خالد التبسي
    المشرف العام وفقه الله وأعانه
    المشرف العام وفقه الله وأعانه



    رقم العضوية : 1
    البلد : الجزائر
    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 148
    النقاط : 514
    السُّمعَة : 22
    تاريخ التسجيل : 09/12/2014
    العمر : 46

    الاستدلال على مشروعية الصلاة في النعال Empty الاستدلال على مشروعية الصلاة في النعال

    مُساهمة من طرف إبراهيم بن خالد التبسي الجمعة 14 يناير 2022 - 10:50

    بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
    الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، والصَّلاة والسَّلام على رسوله الأشمِّ، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
    أمَّا بَعْدُ
    فقد اشتدَّ نكير أكثرية العامَّة على مَن يُصلي في نعله، مِنَ أهل السُّنَّة والجماعة. وقدوتهم في ذلك جهَّالٌ، لا علم لهم بسنن رسول الله صلَّى عليه وعلى آله وسلَّم، ولا بأحواله وأيَّامه. وكيف يَخفى هذا الأمر؟!، ـ أقصد الصَّلاة في النِّعال ـ وقد جعِل شعارًا لمخالفة اليهود. لكن لبعد عهد النُّبوة، واستفحال الجهل والمحدثات، يُتوقَّع مِثل هذا، والله المستعان.
    لذا رأيت؛ أن أَجمع ما يسَّر الله تعالى لي في هذه المسألة، رجاء الثَّواب منه عزَّ وجلَّ، ونفْع المسلمين، فهو المطَّلع سبحانه، وهو حسبي ونعم الوكيل. فأقول به مستعينًا.
    مخالفة الكفَّار والمشركين مطلبٌ شرعيٌّ
    ويتَّضح ذلك مِن عدَّة نصوصٍ منها:
    ما جاء عن ابن عمر عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ(1).
    وما رواه أبوهريرة رضي الله عنه قال: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ)(2).
    وما جاء عن عمرو بن ميمونٍ قال: شَهِدْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ(3).
    وما رواه عمرو بن العاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ )(4).
    قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "اقتضاء الصِّراط المستقيم" (ص16-17) ط/ دار الفكر: "وقد بعَث الله عبده ورسوله محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بالحكمة التي هي سنَّته، وهي الشِّرعة والمنهاج الذي شرعه له. فكان مِنَ هذه الحكمة: أن شرع له مِنَ الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم، والضَّالين. وأمَر بمخالفتهم في الهدي الظَّاهر، وإن لم يَظهر لكثيرٍ مِنَ الخلق في ذلك مفسدةٌ، لأمورٍ منها: 
    أنَّ المشاركة في الهدي الظَّاهر تورث تناسبًا وتشاكلًا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال. وهذا أمرٌ محسوسٌ. فإنَّ اللَّابس لثياب أهل العلم ـ مثلًا ـ يجد مِن نفسه نوع انضمامٍ إليهم واللَّابس لثياب الجند المقاتلة ـ مثلًا ـ يجد في نفسه نوع تخلُّقٍ بأخلاقهم، ويصير طبعه مقتضيا لذلك، إلَّا أن يمنعه مِن ذلك مانعٌ.
    ومنها: أنَّ المخالفة في الهدي الظَّاهر توجب مباينةً، ومفارقةً توجب الانقطاع عن موجبات الغضب، وأسباب الضَّلال، والانعطاف إلى أهل الهُدى والرضوان تحقِّق ما قَطع الله مِنَ الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين. وكلَّما كان القلب أتَمَّ حياةِ، وأعرفَ بالإسلام الذي هو الإسلام ـ لست أعني مجرَّد التَّوسُّم به ظاهرًا أو باطنًا بمجرَّد الاعتقادات التقليدية، مِن حيث الجملة ـ كان إحساسهُ بمفارقة اليهود والنَّصارى باطنًا أو ظاهرًا أتَمَّ، وبُعدُه عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشدُّ.
    ومنها: أنَّ مشاركتهم في الهَدي الظَّاهر توجب الاختلاط الظَّاهر، حتَّى يرتفع التَّمييز ظاهرًا بين المهديين المرضيين، وبين المغضوب عليهم والضَّالين إلى غير ذلك مِنَ الأسباب الحكمية.
    هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظَّاهر إلَّا مباحًا محضًا، لو تجرَّد عن مشابهتهم. فأمَّا إن كان مِن موجبات كفرهم فإنَّه يكون شعبةٌ مِن شُعب الكفر فموافقتهم فيه موافقةٌ في نوعٍ مِنَ أنواع ضلالهم ومعاصيهم.
    فهذا أصلٌ ينبغي أن يُتفطَّن له. والله أعلم". اهـ
    أدلَّة مشروعيَّة الصَّلاة في النِّعال والخِفاف
    ثبَت ذلك مِن فعل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، ومِن فعله، كما بيَّنته الأحاديث الآتي ذكرها:
    فعن أبي مسلمة سعيد بن يزيد الأزديِّ قال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ(5).
    قال النَّوويُّ رحمه الله في"شرح صحيح مسلمٍ"(ج5ص49): "فيه جوازُ الصَّلاة في النِّعال والخِفَافِ ما لم يتحقَّق عليها نجاسةٌ، ولو أصاب أسفلَ الخفِّ نجاسةٌ ومَسَحَه على الأرض، فهل تصحُّ صلاته؟ فيه: خلافٌ للعلماء، وفيه: قولان للشَّافعيِّ رضي الله عنه الأصحُّ: لا تصحُّ". اهـ 
    والصَّحيح صحَّة الصَّلاة بعد المسح؛ لحديث أبي سعيدٍ الخذريِّ وسيأتي.
    وعن يعلى بن شدَّاد بن أوسٍ، عن أبيه، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَالِفُوا الْيَهُودَ فإِنّهُمْ لا يُصَلُّونَ في نِعَالِهِمْ، وَلاَ خِفَافِهِمْ)(6).
    قال الحافظ رحمه في "الفتح"(ج1ص64) ردَّا على مَن جعَل ذلك مِنَ الرُّخص قلت : "قد روى أبو داود والحاكم مِن حديث شدَّاد بن أوسٍ مرفوعًا (خالفوا اليهود فإنَّهم لا يصلُّون في نعالهم، ولا خفافهم) فيكون استحباب ذلك مِن جهة قصد المخالفة المذكورة. وورد في كون الصَّلاةِ في النِّعال مِنَ الزِّينة المأمور بأخذها في الآية حديثٌ ضعيفٌ جدًّا أورده ابن عديٍِّ في الكامل وابن مردويه في تفسيره مِن حديث أبي هريرة، والعقيلي مِن حديث أنسٍ". اهـ 
    وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ قال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ)، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا ـ أَوْ قَالَ: أَذًى ـ)، وَقَالَ: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا)(7).
    وعن همَّام بن الحارث قال: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَسُئِلَ فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ، لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ(8). 
    وعن المغيرة بن شعبة قال: كُنْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فقالَ: (يَا مُغِيرَةُ خُذِ الإداوَةَ) فأخَذْتُها، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ، فانْطَلَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى تَوارَى عَنِّي، فَقَضَى حاجَتَهُ، ثُمَّ جاءَ وعليه جُبَّةٌ شامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الكُمَّيْنِ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَهُ مِن كُمِّها، فَضاقَتْ عليه، فأخْرَجَ يَدَهُ مِن أسْفَلِها، فَصَبَبْتُ عليه فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ مَسَحَ علَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى(9).
    وبوَّب عليهما البخاريُّ رحمه الله في "صحيحه" بباب الصَّلاة في الخفاف.
    وهذا الحُكم فيما إذا كان المسجد غير مفروشٍ، فإن كان مفروشًا يُترك الإتيان بهذه السُّنَّة اجتنابًا للمفسدة الحاصلة، وبهذا أفتى أهل العلم حفظهم الله. 
    قال الشَّيخ ابن بازٍ رحمه الله: "لكن اليوم بعدما فرِشت المساجد وصار فيها فرشٌ ثمينةٌ وأقلُّ شيءٍ يؤثِّر فيها، وربَّما نفر النَّاس مِنَ الصَّلاة عليها وأداء الجماعة فينبغي للمؤمن أن لا ينفِّر النَّاس بل يكون عونًا لهم على أداء الجماعة ويَحفظ نعليه في مكانٍ آخر(10)". اهـ
    ذِكر بعض الأدلَّة على ترك السُّنَّة خشية ما يترتَّب عليها مِنَ المفسدة
    قال الله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} الأية [الأنعام: 108].
    قال ابن كثيرٍ رحمه الله في "تفسيره" (ج3 ص206) ط/ دار ابن الجوزيِّ: "يقول تعالى ناهيًا لرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم والمؤمنين عن سبِّ آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحةٌ، إلَّا أنَّه يترتَّب عليه مفسدةٌ أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسبِّ إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلَّا هو". اهـ
    وعن عمرِو بن دينارٍ أنَّه سمع جابرًا رضي الله عنه قال: غَزَوْنَا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حتَّى كَثُرُوا، وكانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حتَّى تَدَاعَوْا، وقالَ الأنْصَارِيُّ: يا لَلْأَنْصَارِ، وقالَ المُهَاجِرِيُّ: يا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَخَرَجَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: ما بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ قالَ: ما شَأْنُهُمْ؟ فَأُخْبِرَ بكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأنْصَارِيَّ. قالَ: فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (دَعُوهَا فإنَّهَا خَبِيثَةٌ). وقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ: أقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا؟ لَئِنْ رَجَعْنَا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ. فَقالَ عُمَرُ: ألَا نَقْتُلُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ هذا الخَبِيثَ؟ لِعَبْدِ اللَّهِ. فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّه كَانَ يَقْتُلُ أصْحَابَهُ)(11).
    قال النَّوويُّ رحمه الله في"شرح صحيح مسلمٍ"(ج16ص148): "... وفيه تَرك بعض الأمور المختارة والصَّبر على بعض المفاسد خوفًا مِنَ أن تترتَّب علي ذلك مفسدةٌ أعظم منه". اهـ
    عن عائشة قالت: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بالكُفْرِ، لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ، ولَجَعَلْتُها عَلَى أَسَاسِ إِبْراهِيمَ، فَإِنَّ قُرَيْشًا، حِينَ بَنَتِ البَيْتَ، اسْتَقْصَرَتْ، ولَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا)(12).
    قال النَّوويُّ رحمه الله في"شرح صحيح مسلمٍ"(ج9ص98-99): "وفي هذا الحديث: دليلٌ لقواعد مِنَ الأحكام منها : إذا تعارضت المصالحُ أو تعارضت مصلحةٌ ومفسدةٌ وتعذَّر الجمعُ بين فِعلِ المصلحة وتركِ المفسدة بُدئ بالأهمِّ؛ لأنَّ النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم أخبَر أنَّ نقض الكعبة وردَّها إلى ما كانت عليه مِن قواعد إبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم مصلحةٌ، ولكن تُعارضه مفسدةٌ أعظم منه، وهي خوفُ فتنة بعض مَنَ أسلم قريبًا، وذلك لِمَا كانوا يعتقدونه مِن فضل الكعبة، فيرون تغييرها عظيمًا، فتركها صلَّى الله عليه وسلَّم. ومنها فِكْرُ وليُّ الأمر في مصالح رعيَّته، واجتنابه ما يخاف منه تولُّد ضررٍ عليهم في دينٍ أو دنيا إلَّا الأمور الشَّرعيَّة، كأخذ الزَّكاةِ وإقامة الحدودِ ونحوِ ذلك". اهـ
    وقال الحافظ رحمه في "الفتح"(ج3ص566): "وفيه اجتناب وليُّ الأمر ما يتسرَّع النَّاس إلى إنكاره وما يُخشى منه تولُّد الضَّرر عليهم في دينٍ أو دنيا، وتألُّف قلوبهم بما لا يترَك فيه أمرٌ واجبٌ‏.‏ وفيه تقديم الأهمِّ فالأهمِّ مِن دفع المفسدة وجَلب المصلحة، وأنَّهما إذا تعارضا بُدئ بدفع المفسدة، وأنَّ المفسدة إذا أمِن وقوعها عاد استحباب عمل المصلحة". اهـ
    وهذا في حقِّ وُلَّاة الأمور، فما بالك بآحاد النَّاس، ممَن يُقدم على أفعالٍ مفسدتها أكبر مِن مصلحتها؟!.
    وبما أنَّ إزالة الأفرشة مِنَ المساجد، أو الصَّلاة عليها بالنِّعال متعذِّرٌ وينتج عنه مفسدةٌ أكبر، ترِك فِعلها والله المستعان.
    شبهات المانعين والردُّ عليها
    ـ يتحجَّج المانعون باتِّساخ الأحذية، ولو مِن غير نجاسةٍ نصَّ الشَّارع عليها، جريًا على قاعدتهم في عدم التَّفريق بين النَّجاسات والأوساخ التي ليست بنجاسةٍ شرعًا. فهذه يجوز الصَّلاة فيها، بشرط أن لا تكون فيها رائحةٌ مؤذيةٌ، فإن كان فيها تعيَّن المنع خاصَّةً في صلاة الجماعة.
    ـ الحكم بنجاسة النَّعل أو الخفِّ ولو بالظَّنِّ، خلافًا للقاعدة الشَّرعيَّة: الأصل في الأعيان الطَّهارة، حتَّى يأتي ناقلٌ. فإن تيقَّن بوجود نجاسةٍ قام بمسحها وصلَّى في نعليه؛ كما دلَّ على ذلك حديث أبي سعيدٍ السَّالف ذكره.
    ـ دعواهم أنَّ المنتعِل يَدخل بحذائه إلى الخلاء، والجواب عن ذلك مِن وجهين. أوَّلها: أنَّ ذلك كان يَحدث على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، ولم يكن مانعًا مِن الصَّلاة بالنِّعال؛ لأنَّ الوحي يَنزل ولو كان ذلك ممنوعًا لبيَّنه. قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[مريم: 64].
    وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: "كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ"(13).
    ثانيها: أنَّ ما يُخشى مِن مرور الحذاء فوق النَّجاسة الرَّطبة، قد جاء في الشَّرع ما يطهِّره، كما تقدَّ م في حديث أبي سعيدٍ. وأمَّا النَّجاسة الصَّلبة فقد جاء أيضًا ما يطهِّرها،عن أمِّ ولدٍ لعبد الرحمن بن عوفٍ قالت: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ)(14).
    وكما هو ملاحظٌ، فإنَّ كُلَّ شبهات القوم مردُّها إلى الجهل والوسواس. جهلٌ بالنُّصوص الشَّرعيَّة الثَّابتة في هذه المسألة، وتنزيلٌ لنصوصٍ شرعيَّةٍ أخرى تحثُّ على الطَّهارة في غير محلِّها. فوقعوا في التَّفريط والإفراط؛ فالحمد لله الذي هدانا لما اختلف فيه مِنَ الحقِّ بإذنه، إنَّه يهدي مَن يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ.
    جعلني الله وإياكم ممَن يتمسَّك بكتابه، وسنَّة نبيِّه صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم. فهو وحده القادر على ذلك، وهو حسبي ونعم الوكيل، والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصَّالحات.
                     تمَّ الفراغ منها صبيحة الجمعة 11 جمادى الآخرة سنة 1443 هجريٍّ
                            كتبه أبو عبد الله إبراهيم بن خالدٍ التِّبسيُّ الجزائريُّ
                           في الرَّباح وادي سوف
           




    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج10-5892) ط/ دار الفيحاء، واللَّفظ له، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج3-259-54) ط/ دار الفيحاء. وأخرجه مسلمٌ- نوويٌّ- (ج3-260)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وعنده المجوس بدل المشركين.
    أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج6-3462)، و(ج10-5899)، ومسلمٌ- نوويٌّ- (جَ14-1032).
    أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج3-1684)، و(ج7-3838)، وأخرجه أحمد (ج1-275-295-385ط/ دار الرِّسالة، وابن ماجة (ج2-3022) ط/ إحياء الكتب العربيَّة، وزادا (كَيْمَا نُغِيرُ)، وهي مِن طريق أبي إسحاق السَّبيعيِّ لم يصرِّح بالتَّحديث كما صرَّح في صحيح البخاريِّ. و لها شاهدٌ في "مسند الشافعيِّ"(ج1-917-919) بترتيب السِّنديِّ، مِن مرسل طاووس وهو صحيحٌ، ومِن مرسل محمَّد بن قيس بن مخرمة، لكن فيه: مسلم بن خالدٍ ضعيفٌ، وابن جريجٍ مدلِّسٌ وقد عنعن.
    4 أخرجه مسلمٌ- نوويٌّ- (ج7-1096)
    5 أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج1-386)، و(ج10-5850)، وهذا لفظه، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج5-555).
    أخرجه أبو داود (ج1-652) ط/ المكتبة العصريَّة، والدُّولابيُّ في"الكنى والأسماء" (ج1-731) ط/ دار ابن حزم بيروت، واللَّفظ لهما، ومِن طريق أبي داود البغويُّ (ج1-652) ط/ المكتب الإسلاميِّ، و في إسناده: عمر بن عبد العزيز الفاشانيُّ مجهول عينٍ، والبزَّار (ج8-3480)، وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يروَى عن شدَّاد بن أوسٍ إلَّا مِن هذا الوجه بهذا الإسناد". اهـ  وفي إسناده: أحمد بن أبانٍ القرشي ُّ مجهول حالٍ؛ لكنَّه متابعٌ بقتيبة بن سعيدٍ عند أبي داود والحاكم، والحسين بن حُريثٍ عند الدولابيِّ، وهشام بن عمَّارٍ عند الطبرانيِّ وأخرجه الحاكم (ج1-956) ط/ دار الكتب العلميَّة، ومِن طريقه البيهقيُّ (ج2-4257) ط/ دار الكتب العلميَّة، والطبرانيُّ في "الكبير" (ج7-7165) ط/ مكتبة ابن تيميَّة، وفي إسناده: هشام بن عمَّارٍ تغيَّر بأخرةٍ؛ لكنَّه متابعٌ بقتيبة بن سعيدٍ عند أبي داود والحاكم، وبالحسين بن حُريثٍ عند الدولابيِّ، وأحمد بن أبانٍ القرشيِّ ِّعند البزَّار وابن حبَّان. وهو مِن طريق مروان بن معاوية، عن هلا ل بن ميمونٍ الرَّمليِّ، عن يعلى بن شدَّاد بن أوسٍ عن أبيه به، وهو حسنٌ لحال هلا ل بن ميمونٍ ويعلى بن شدَّاد بن أوسٍ؛ فقد روى عنه جمعٌ، ووثَّقه ابن سعدٍ وذكره ابن حبَّان في"الثِّقات"، وليس فيه مطعنٌ. وأخرجه ابن حبَّان (ج5-2186) ط/ دار الرِّسالة، وزاد (وَالنَّصَارَى)، وهي زيادةٌ منكرةٌ؛ لمخالفة أحمد بن أبانٍ القرشيِّ لقتيبة بن سعيدٍ عند أبي داود والحاكم، والحسين بن حُريثٍ عند الدولابيِّ، وهشام بن عمَّارٍ عن الطَّبرانيٍّ، والله تعالى أعلم. وأخرجه البزَّار (ج13-7230)، مِن حديث أنس بن مالكٍ، وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يروَى عن أنسٍ إلَّا مِن هذا الوجه، ولا نعلم حدَّث به عمر بن نبهان، إلاَّ أبو قتيبة، وعمر بن نبهان مشهورٌ". اهـ وفي إسناده: عمر بن نبهان العبديُّ وهو متروكٌ. 
    7 أخرجه أحمد (ج18-11877)، وأبو داود (ج1-650)، ومِن طريقه البيهقيُّ في "معرفة السُّنَّن والآثار" (ج3-4889) ط/ جامعة الدِّراسات الإسلاميَّة كراتشي، ومِن غير طريقه (ج3-4890)، واللَّفظ لهما. وأخرجه الطَّيالسيُّ (ج3-2268) ط/ دار هجرٍ مصر، ومِن طريقه البيهقيُّ (ج2-4086)، وعبد بن حميدٍ في "المنتخب" (ج1-880) ط/ مكتبة السُّنَّة بالقاهرة، والدَّارميُّ (ج2-1418) ط/ دار المُغني بالسَّعودية، وهو حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ.
    أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج1-387)، وهذا لفظه، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج3-272).
    أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج1-363-388)، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج3-274-77)، واللَّفظ له.
    10 منقولٌ مِن موقعه.
    11 أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج6-3518)، و(ج8-4905-4907)، واللَّفظ له، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج16-2584-63)، وأخرجه مسلمٌ- نوويٌّ- (ج7-1063)، في قصَّة ذي الخويصرة التَّميميِّ
    12 أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج3-1583-1584-1585-1586)، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج9-1333)، وهذا لفظه.
    13 أخرجه البخاريُّ- فتحٌ- (ج9-5207-5208-5209)، ومسلمٌ- نوويٌّ- (ج10-1440)، واللَّفظ للبخاريِّ.
    14 أخرجه أحمد (ج44-26488)، وأبو داود (ج1-383)، والتِّرمذيُّ (ج1-143) ط/ دار الغرب الإسلاميِّ، وابن ماجة (ج1-531) ،وفي إسناده: هشام بن عمَّارٍ تغيَّر بأخرةٍ؛ لكنَّه متابعٌ بجمعٍ مِن الحفَّاظ، والدَّارميُّ (ج1-769)، ومالكٌ (47) ط/ دار الفكر، وابن أبي شيبة (ج1-615) ط/ مكتبة الرُّشد بالرِّياض، والبيهقيُّ (ج2-4102)، وقال: "وروي ذلك أيضًا، عن أبي هريرة مرفوعًا وليس بالقويِّ". اهـ وإسناده ضعيفٌ لإبهام أمِّ ولد عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه. وحديث أبي هريرة أخرجه البغويُّ (ج2-301)، وفي إسناده: عمر بن عبد العزيز الفاشانيُّ مجهول عينٍ. وله شاهدٌ أخرجه أبو داود (ج1-204)، وفي إحدى إسناديه: شريك شريك بن عبد الله القاضي ضعيفٌ؛ لكنَّه متابعٌ عنده بجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن إدريس، ومِن طريقه البيهقيُّ (ج1-662)، وابن ماجة (ج1-1041)، وابن أبي شيبة (ج2-7052)، من حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه. وله شاهدٌ آخر مِن حديث امرأةٍ مِن بني عبد الأشهل، أخرجه أحمد (ج45-27452-27453)، وأبو داود (ج1-384)، والبيهقيُّ (ج2-4268)، وأخرجه ابن أبي شيبة (ج1-616)، ومِن طريقه ابن ماجة (ج1-533)، والطَّبرانيُّ في الكبير (ج25-452)، وفي إسناده: شريك بن عبد الله القاضي ضعيفٌ؛ لكن تابعه زهير بن معاوية عند أحمد وأبي داود، وقيس بن الرَّبيع عند عبد الرَّزاق (ج1-105) ط/ المجلس العلميِّ بالهند، والطَّبرانيِّ في الكبير (ج25-453). بهما يصِحُّ الحديث والله تعالى أعلم.


    _________________
    رَأَيْت الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ * * * وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إدْمَانُهَا
    وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ * * * وَخَيْرٌ لِنَفْسِك عِصْيَانُهَا
    وهل أفسد الدين إلا الملوك * * * وأحبار سوء ورهبانها
    وباعوا النفوس فلم يربحوا * * * ولم تغل في البيع أثمانها
    لقد وقع القوم في جيفةٍ * * * يبين لذي اللب إنتانها
    إبراهيم بن خالد التبسي
    إبراهيم بن خالد التبسي
    المشرف العام وفقه الله وأعانه
    المشرف العام وفقه الله وأعانه



    رقم العضوية : 1
    البلد : الجزائر
    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 148
    النقاط : 514
    السُّمعَة : 22
    تاريخ التسجيل : 09/12/2014
    العمر : 46

    الاستدلال على مشروعية الصلاة في النعال Empty رد: الاستدلال على مشروعية الصلاة في النعال

    مُساهمة من طرف إبراهيم بن خالد التبسي الخميس 3 نوفمبر 2022 - 20:50



    _________________
    رَأَيْت الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ * * * وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إدْمَانُهَا
    وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ * * * وَخَيْرٌ لِنَفْسِك عِصْيَانُهَا
    وهل أفسد الدين إلا الملوك * * * وأحبار سوء ورهبانها
    وباعوا النفوس فلم يربحوا * * * ولم تغل في البيع أثمانها
    لقد وقع القوم في جيفةٍ * * * يبين لذي اللب إنتانها

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 29 أبريل 2024 - 1:31